✍️ الطيب محمد صالح يكتب……”السلمية المثالية والواقع المر”

التغيير السياسي في السودان :وحرب أبريل 2023والجهات السياسية الفاعلة في السودان وأدوارها المتشابكة

شهدت الساحة السياسية السودانية منذ عام 2018، وحتى اندلاع الحرب الحالية المدمرة في أبريل 2023، تفاعلاً مُعقدًا بين قوى سياسية مُختلفة، ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في تشكيل المشهد الراهن. ساحاول ان ابرز في هذا المقال أدوار هذه القوى، إيجابًا وسلبًا، مع التأكيد على التأثيرات العميقة والمُتشابكة للتدخلات الخارجية السالبة في سياق الصراع على السلطة و الموارد والنفوذ. الجهات السياسية الفاعلة وأدوارها المتشابكةتحالف الحرية والتغيير (قوى إعلان الحرية والتغيير – المجلس المركزي) مثّل تحالف الحرية والتغيير قوةً رئيسيةً في ثورة ديسمبر، مُمثّلًا لطيف من القوى المدنية والسياسية التي سعت إلى إسقاط النظام البائد، نجح التحالف في مرحلة معينة في توحيد الجهود السلمية ضدّ النظام، لكنّه فشل في توسيع قاعدة المشاركة و توحيد رؤيته لبناء الدولة بعد إسقاط النظام. أدّى هذا إلى انقسامات داخلية عميقة، مُجسّدة في الصراع الداخلى و أطراف أخرى خارج التحالف، مُضعفةً الموقف الكلي و مُسهّلةً للتدخلات الخارجية. يُمكن اعتبار هذا الضعف الداخلي عاملًا مُساعدًا على إشعال الحرب.لجان المقاومة. برزت لجان المقاومة كـقوة جماهيرية فاعلة، مُنظّمةً المُظاهرات و مُساهمةً في حماية المتظاهرين بما ذلك رؤيتها السياسية المتمثلة في مواثيقها خلال ثورة ديسمبر المجيدة . تمثّل لجان المقاومة قوةً جماهيرية واسعة النطاق، لكنّ افتقارها إلى هيكلة سياسية واضحة و برنامج سياسي مُحدد وموحد أضعف موقفها التفاوضي و جعلها عرضةً للتأثيرات الخارجية و الاستغلال من قبل قوى سياسية أخرى. ساهم هذا الضعف في تعميق الانقسامات و إضعاف جهود بناء الدولة.الحركات المسلحة المُوقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان : ساهمت الحركات المسلحة المُوقعة على اتفاق سلام جوبا في إحلال السلام في بعض المناطق، لكنّ عدم التزام هذه الحركات باتفاق جوبا، و استمرار الصراع بينها وبين قوى سياسية أخرى ، يُشير إلى تعقيدات المشهد و ضعف السيطرة على إدارة المشهد . أصبحت بعض هذه الحركات أطرافًا فاعلة في الصراع السياسي و في الحرب الحالية، مُستغلةً الوضع لتحقيق أهدافها الخاصة، مُتأثرةً بالتدخلات الخارجية والاستقطابات السياسية التي تُعزز بعض الحركات على أخرى.القوى الإسلامية:لعبت القوى الإسلامية دورًا مُهمًا في السودان، مُساهمةً في تشكيل الهوية السياسية والاجتماعية للبلاد. لكنّ بعض هذه القوى (مثل الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني) ساهمت بشكل سافر وسالب بالتحريض على العنف و استغلال الخلافات والتناقضات القائمة والهويات الدينية والعرقية لتحقيق أهدافها السياسية. أدى هذا إلى توترات مع القوى المدنية، مُساهمًا في إضعاف جهود بناء الدولة و إشعال الحرب ومعيقة كذلك جهود بناء السلام . التدخلات الخارجية: أبعاد الصراع على السلطة والموارد والنفوذ :لعبت القوى الإقليمية والدولية دورًا مُعقدًا في الأزمة السودانية، مُساهمةً في تعميق الصراع و إطالة أمدّه. يُمكن تحليل هذه التدخلات من خلال عدّة زوايا:التنافس على الموارد: تُعدّ الموارد الطبيعية في السودان عاملًا مُهمًا في تعميق الصراع، مُستغلًا من قبل قوى إقليمية ودولية لخدمة مصالحها بتوظيف التناقضات السياسية وتوسيع الشرخ الداخلى .التنافس الجيوسياسي: يعدّ السودان ساحةً للتنافس الجيوسياسي بين القوى الإقليمية والدولية منذ امد بعيد ، مُساهمةً في تعقيد الأزمة و إطالة أمدّها.دعم الأطراف المُتناحرة: دعمت بعض الدول أطرافًا عديدة على المستوى السياسي والعسكري في الصراع، مُعززةً الانقسامات و مُعيقةً جهود بناء السلام. هذا الدعم يتخذ أشكالًا متعددة، من الدعم المالي والعسكري إلى الدعم الدبلوماسي و الإعلامي.التأثير على الخطاب السياسي: تُساهم بعض القوى الخارجية في تشكيل الخطاب السياسي في السودان، مُعززةً الانقسامات و مُعيقةً جهود بناء السلام.يحاول ان يُظهر هذا المقال التحليلي التفاعلات المُعقدة بين القوى السياسية والخارجية في السودان، التي ساهمًت في إشعال الحرب واستمرارها.كذلك يُبرز التحليل الحاجة إلى عملية شاملة تعالج الجذور العميقة للصراع، وتضمن المشاركة الفعّالة لجميع الأطراف في بناء دولة مدنية ديمقراطية عادلة، مع الاعتراف بدور التدخلات الخارجية السالبة في تعقيد الأزمة و ضرورة إيجاد آليات للتعامل معها بشكل فعال. يُعدّ فهم هذه التفاعلات المُعقدة ضروريًا لأيّ محاولة لإيجاد حلول مستدامة للأزمة السودانية .

شارك هذا المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *